مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي في العراق في العاشر من تشرين الاول الجاري بوجود قانون انتخابي جديد في العراق على اساس الاقضية والمدن هل سيشهد العراق تغييرا نحو الاصلاح والتطوير ام سيبقى رهينة الصراعات الاقليمية؟
المشهد الاقليمي
ان المشهد الاقليمي الراهن هو عبارة عن وجود لثلاثة محاور اقليمية المحور الايراني (محور القاومة) والمحور السعودي والمحور التركي القطري المستجد اضافة لمصر كدولة عربية وازنة والعراق اذا استقر دولة عربية وازنة. دوليا ان العالم بات مقسوما منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بين قطبين القطب الاميركي والقطب الروسي واليوم هناك دور دولي متصاعد للصين مع استمرار لوجود الاتحاد الاوروبي كعامل دولي مؤثر. اقليميا ان القوى الدولية تمارس في المنطقة نمطا استعماريا حديثا ورثته عن الاستعمار التقليدي ويهمها من الشرق الاوسط امن الطاقة وامن كيان الاحتلال الاسرائيلي والتحالفات الاقليمية واضحة منذ عقود المحور الاميركي السعودي والمحور الروسي الايراني اذ ان القوى الدولية يهمها سيطرة الاسلام السياسي على دول المنطقة حفاظا على مصالحها والمقصود بالاسلام السياسي اي الاستغلال السياسي للاسلام وليس الاسلام. وقد ورث الاستعمار الحديث عن بريطانيا الاسلام السياسي حيث ورثت اميركا الاسلام السياسي السني السعودية وورثت روسيا الاسلام السياسي الشيعي المتمثل بايران. وقد عملت القوى الدولية الكبرى تحديدا الولايات المتحدة على اضعاف الدور الاقليمي لمصر والدور الاقليمي للعراق واضعاف الانظمة القومية العربية واعطاء الدور الاقليمي للاسلام السياسي وعدم اعطاء الاولية لتركيا كدولة اقليمية كبيرة لها تأثير مهم في المنطقة. ان هذه السياسات ادت في نهاية المطاف لنشرالفوضى في المنطقة لخدمة امن الكيان الاسرائيلي واضعاف الامن العربي واعطاء ايران الاولوية كدولة اقليمية داعمة لقوى المقاومة في المنطقة ودعم التطبيع بين بعض الدول العربية وكيان الاحتلال الاسرائيلي وهذا خطا استراتيجي تورطت فيه الدول العربية
المشهد الانتخابي في العراق
بالعودة للمشهد الانتخابي في العراق ان العراق عانى لعقود من حقبة نظام صدام الذي كان مؤامرة من قوى الاستعمار الدولي لاضعاف الجيش العراقي وتخريب العراق لخدمة امن اسرائيل ومن ثم جاء الاحتلال الاميركي بعنوان الديمقراطية والهدف الحقيقي هو مصادر الطاقة في العراق كثاني احتياطي للبترول في المنطقة. بعد عام 2003 عاني العراقيون من الارهاب وتمكن العراقيون من الانتصار على الارهاب بفضل وعيهم وتكاتفهم. كوضع سياسي ان العراق بعد عام 2003 كان ساحة صراع اقليمي بين الاميركي من جهة وبين ميليشيات ايران وكلاء روسيا وعمل الاميركيون على استثمار بقايا النظام السابق والتنظيمات الجهادية ومن ثم اعطاء العراق نفوذا لايران وكانت هذه سياسة مؤسفة اثرت بشكل سلبي على امن واستقرار المنطقة لان العراق في سيتينات القرن الماضي كان يشكل الضامن الاساسي للامن العربي حيث كان الجيش العراقي اقوى جيش عربي وبعد تحسن ظروف العراق عاد الجيش العراقي كتصنيف الى التعافي والتحسن ليعود العراق كضامن لامن المنطقة العربية لذلك ان استقرار العراق هو حاجة اقليمية ماسة لامن الخليج ويصب في مصلحة دول الخليج. ان العراق بحاجة للاصلاحات والاصلاح يأتي تدريجيا من خلال الوعي المجتمعي. ان العراق يحتاج لالغاء قانون الاقاليم ويحتاج لحكومة مركزية قوية تضمن امن العراق وتضمن استقلال العراق عن نفوذ الدول الاقليمية وابعاد العراق عن الصراعات الاقليمية وتعيد العراق لدوره الاقليمي التاريخي والعراق القوي يضمن استقرار المنطقة ويساهم في بلورة حلول سياسية لحروب اليمن وسوريا وينعكس قوة العراق بشكل ايجابي على وضع لبنان. كما ان العراق القوي يصب في مصلحة امن دول الخليج كما ان استقرار العراق في مصلحة ايران كون العراق يمثل الشريان الاقتصادي لايران لذلك تبقى ايران دولة جارة وشقيقة للعراق ومصلحة ايران بالتعامل مع العراق من دولة لدولة وتقليص الاعتماد على الميليشيات. بالعودة لموضوع الانتخابات ان العراق شهد ثورة شبابية راقية وواعية عبر عنها الشباب العراقي وان اعطاء الفرصة لهذه النخب الشبابية في المشهد السياسي العراقي وايصال النخب الشبابية عبر المؤسسات الدستورية هو عامل اساسي للبدء بالاصلاح وفرض امر واقع على الاحزاب التقليدية في العراق لتحسين ادائها وجعل العراق دولة مركزية مستقلة عن نفوذ الدول الاقليمية وتعزيز القانون والمواطنة وتطوير المجتمع العراقي.
المشهد الانتخابي في لبنان
بخصوص الواقع اللبناني فان لبنان يعاني انهيارا اقتصاديا مروعا نتيجة عاملين العامل الاول هو الفساد المتجذر في النظام اللبناني منذ الطائف وقبله الاستقلال والعامل الثاني هو الصراع الاقليمي داخل الساحة السياسية اللبنانية والمؤامرة الدولية على لبنان. هذه المؤامرة كانت نتيجة ذهاب لبنان باكمله في محور معين والمعروف ان لبنان في عمقه الاستراتيجي اقتصاديا يتبع للمحور الاميركي الخليجي ما ادى الى انسحاب مفاجئ للمحور الاميركي السعودي من لبنان فانهارت الليرة اللبنانية وفقدت تسعين بالمئة من قيمتها كما ان المحور الروسي الايراني لديهم جماعة معينة داخل لبنان يدعمونها لاجل مصالحهم باعتبار لبنان مركز متقدم ضمن محور المقاومة لذلك وقع لبنان ضحية مؤامرة دولية. في المحصلة ان الطبقة السياسية في لبنان اثبتت فشلا وضعفا وارتهانا للخارج بشكل كامل وعدم تحمل للمسؤولية والشعب اللبناني ينظر لهذه الطبقة السياسية نظرة انعدام للثقة. تاريخيا لبنان يتميز بتركيبة ديمغرافية فريدة من نوعها جعلت من لبنان جسرا للتواصل بين الشرق والغرب. الا ان النظام السياسي في لبنان يقوم على الطائفية السياسية اي استغلال الطوائف من قبل قوى خارجية ما جعل لبنان كيانا سياسيا غير مستقل يحتاج كل عشرين او ثلاين عاما الى مؤتمر دولي جديد وهذا ما يحصل عمليا في لبنان ويؤكد ان النظام اللبناني يحتاج للتغيير وغير قابل للاستمرار والمشكلة ليست في الاشخاص والمسؤولين فقط بل ان ازمة لبنان هي ازمة نظام غير مستقر. ان الغاء الطائفية ليست الغاء الطوائف بل هي الغاء الاستغلال السياسي الذي يسيء لابناء الطوائف من هنا ان الدولة المدنية تحفظ عدالة تمثيل الطوائف وتبني نظاما سياسيا يقوم على اساس المواطنة والقانون. بالنسبة للانتخابات النيابية القادمة في لبنان خلال شهر ايار لن تحقق تغييرا جذريا بل ممكن ان تلطف نتائجها اجواء البلد المنهار والغارق في الازمات الاقتصادية والمعيشية والمتوقع ان تحقق هذه الانتخابات مسألتين اولا تعديل داخل البيئة المسيحية بايعاز اميركي سعودي وثانيا تعديل الاكثرية النيابية انما هذه الانتخابات التي تقوم على اساس قانون انتخابي يرسخ الطائفية والمذهبية وفي ظل الاوضاع الراهنة لن تحقق التغيير المنشود لذلك تشكيل حكومة واجراء الانتخابات هي استحقاقات دستورية لا بد منها تلطف اجواء البلد وتخفف ربما من الانهيار انما ليست الحل لانقاذ لبنان لذلك لبنان بات بحاجة لمؤتمر تأسيسي جديد على غرار الطائف لاقامة الجمهورية الثالثة التي تقوم على اساس الدولة المدنية وان تغير الظروف الداخلية في لبنان وتغير الظروف الاقليمية وتبدل الظروف الدولية كلها عوامل تفرض اقامة مؤتمر تأسيسي جديد برعاية دولية على الارجح غطاء دولي فرنسي بين المحور الاميركي الخليجي من جهة والمحور الروسي الايراني من جهة.
دعوة للنخب الشبابية
للنخب الشبابية ندعو في مبادرة الحركة الديمقراطية المستقلة الى نشر الوعي المجتمعي وتحقيق الاصلاح بالطرق الحضارية والديمقراطية.
للشباب العراقي الفرصة امامكم للتغيير عبر المؤسسات الدستورية والمشاركة في الانتخابات والعراق امام فرصة ذهبية للتغيير وفي ظل وجود رغبة دولية واقليمية بتحقيق الاصلاح في العراق.
للشباب اللبناني رغم الاوضاع الصعبة والظروق القاسية التي يعاني منها لبنان الذي يغرق في الانهيار حيث ان انقاذ لبنان يتحقق بمؤتمر تأسيسي جديد واقامة الدولة المدنية الحضارية رغم ذلك يمكن المشاركة في الانتخابات عبر انتخاب الاشخاص الكفوئين ليس المطلوب بالضرورة تغيير القناعات والثوابت فان نهج المقاومة ونهج الامام الصدر يتحقق من خلال محاسبة الفاسدين واعطاء الفرصة للشخصيات الوطنية الكفوءة. صحيح ان الانتخابات لن تنقذ لبنان ولن تغير الواقع الصعب ولن تحقق النتائج المرجوة والانتخابات في لبنان ليست الحل لانقاذ البلد انما تبقى استحقاقا دستوريا لا بد من اجرائه.
تأليف وتحليل محمد اسعد شعيب
الصفة: ناشط سياسي مؤسس لمبادرة الحركة الديمقراطية المستقلة
التحصيل العلمي:
دبلوم في الهندسة -
ابحاث سياسية واستراتيجية-
مساعدة علي اكرم شمص
الصفة: ناشط سياسي منظم لمبادرة الحركة الديمقراطية المستقلة